الاثنين، 10 ديسمبر 2012

عن تعديل "أعظم دستور في التاريخ": الدستور مش عاجبكم؟ إبقوا خللوه





 في ناس حلوين وأمامير بيقولوا: خلي العجلة تمشي، عايزين نستقر (عجلة الإنتاج والكلام الحلو ده). ويقولولك: وافق إنت بس على الدستور، ونبقى نعدله بعدين.


ماشي، هنسمع كلامكم ونعصر على نفسنا لمونة، بس إستنى... قلتلي الدستور ممكن نعدل مواده إزاي؟

تعالوا معايا نشوف "أعظم دستور في التاريخ" ممكن نعدل مواده إزاي.

صحصحوا معايا كده:

الموافقة على الدستور كله بمجمل مواده تتطلب 15 يوم وموافقة 51% من الناخبين،

في حين الموافقة على تعديل مادة واحدة من الدستور وفقاً للمادتين 217 و218 تتطلب على الأقل 120 يوم، وموافقة خمس أعضاء مجلس الشعب، ثم موافقة 51% من كل من مجلسي الشعب والشورى، ثم موافقة 67% من كل من مجلسي الشعب والشورى، ثم موافقة 51% من الناخبين


وبعدين يطلع لنا الكباتن يقولولك، لو مش عاجبكم الدستور إبقوا غيروه

تعالوا نمشى ورا كلام الكباتن ونشوف تعديل مادة واحدة من "أعظم دستور في التاريخ" ممكن يتم إزاي:
تعديل مادة واحدة فقط أو أكثر بعد إقرار الدستور وفقاً للمادتين 217، 218 يتم كما يلي:
 
  • يتقدم بطلب تعديل مادة واحدة أو أكثر أي من رئيس الجمهورية أو خمس أعضاء مجلس الشعب،
     
  • يناقش كل من مجلسى الشعب والشورى طلب النظر في طلب التعديل (وليس التعديل نفسه) خلال 30 يوم ويتم المواقة على نظر الطلب بأغلبية 51% من مجلس الشعب و 51% من مجلس الشورى
     
  • في حالة رفض طلب النظر في التعديل، لا يعاد نظر الطلب إلا في دور الإنعقاد التالي
     
  • في حالة الموافقة على النظر في طلب التعديل، لا تتم مناقشة التعديل في مجلسي الشعب والشورى إلا بعد مرور 60 يوم من قبول طلب النظر فيه
     
  • بعد مناقشة التعديل، لا يتم الموافقة على طرحه للاستفتاء على الشعب إلا بموافقة 67% من مجلس الشعب، و67% من مجلس الشورى   مجتمعين
     
  • إذا تمت الموافقة عليه يتم طرحه على الشعب للاستفتاء خلال 30 يوم


ممكن حد يقول لي مين الفصيل السياسي الذي سيجمع بين ثلثي مجلس الشعب وثلثي مجلس الشورى في آن واحد، مع العلم أن انتخابات المجلسين تتم في وقتين مختلفين؟


يعني باختصار يا أساتذة، الشخص إللي كتب "أعظم دستور في التاريخ" جعل من شبه المستحيل تعديله.


تدليس ده بقى والا مش تدليس؟


 

الأحد، 2 ديسمبر 2012

القرصاية والمحاكمات العسكرية والدستور الجديد: عندما يتحالف أصحاب المصالح ضد الشعب


جزيرة القرصاية والعبور الثاني (المصدر: موقع مصراوي)

يروج مؤيدو الدستور الجديد وصانعيه أكذوبة أن المحاكمات العسكرية للمدنيين تم تقييدها في إطار الدستور الجديد وذلك لتجنب تكرار ما اقترفه نظام مبارك ومن بعده المجلس العسكري في المرحلة الانتقالية من جرائم تحت ستار هذه السلطة الاستثنائية التي تتنافى مع أبسط الحقوق الدستورية والقانونية للمدنيين. وفي واقع الأمر، فإن المتابع لتطور مسودات الدستور المختلفة يجد ان هناك تراجعاً في موقف اللجنة التأسيسية في مجال حماية المدنيين من خطر المحاكمات العسكرية وخنوعاً منها لمطالب البعض لتوسيع نطاق هذه المحاكمات مما يجعلها سلاحاً مسلطاً في يد السلطة ضد المدنيين.

وبصورة اكثر تحديداً، إذا قارننا بين مسودتي الدستور في 11 نوفمبر 2012، والمسودة النهائية الصادرة في 29 نوفمبر 2012، نجد التغييرات التالية:

مسودة الدستور المصري (11 نوفمبر 2012):

المادة 63: التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، وتكفل الدولة تقريب جهات التقاضي وسرعة الفصل في القضايا، وتيسر ذلك لغير القادرين ماليا. ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي؛ والمحاكم الاستثنائية محظورة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام قضاء عسكري.

المادة 199: ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في الدستور، ولا يجوز بحال أن يحاكم أمام القضاء العسكري إلا العسكريون ومن في حكمهم، على النحو الذي ينظمه القانون.

المسودة النهائية للدستور المصري (29 نوفمبر 2012):

المادة 75: التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي وسرعة الفصل في القضايا. ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي؛ والمحاكم الاستثنائية محظورة.
(تم حذف: ولا يجوز محاكمة مدني أمام قضاء عسكري)

المادة 198: القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها، وجرائم الخدمة العسكرية وتلك التي تقع داخل المنشآت العسكرية أو على منشآت القوات المسلحة ومعداتها وأسرارها. ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى. وأعضاء القضاء العسكري مستقلون. غير قابلين للعزل، ويكون لهم كافة الحصانات والضمانات والحقوق والواجبات المقررة للجهات القضائية.
(تم حذف: ولا يجوز بحال أن يحاكم أمام القضاء العسكري إلا العسكريون ومن في حكمهم، وتم تغيير النص لما هو مبين بالمادة)

يظهر جلياً في المسودة النهائية (29 نوفمبر 2012) كم التراجع عن الموقف المبدئي الذي اتخذته الجمعية في مسوداتها الأولى لحماية المدنيين من سلاح المحاكمات العسكرية. ولا يحتاج الأمر لكثير من التفكير لإدراك القوى التي ضغطت من أجل هذا التراجع ودور السلطة الحاكمة في قبول هذا الاعتداء الصارخ على حقوق المدنيين لتمديد بقائها في السلطة.

تدور نقاشات مجموعة كبيرة من المواطنين ومبرراتهم حول قبول هذه المادة بشكلها الحالي أنها ترتبط فقط بالاعتداءات على القوات المسلحة وأفرادها ومواقعها العسكرية، ولذلك يجدون تبريراً في إحالة المدنيين للقضاء العسكري في مثل تلك الحالات، كما أوضح لنا السيد نادر بكار: "أن المدني الذي يعيق الضابط بالقوات المسلحة عن أداء عمله هو الذي سيحاكم عسكريا فقط".

ما لا يدركه الكثيرون أن الأغلبية من ضحايا المحاكمات العسكرية خلال الفترة الانتقالية والذين بلغ عددهم في بعض التقديرات حوالي 12 ألف مدني، قد تمت محاكماتهم بناء على اتهامات تربطهم بالاعتداء على أفراد، أو منشئات أو ممتلكات للقوات المسلحة والتي امتدت لتشمل الاحتكاكات اليومية بين مدنيين وأفراد من القوات المسلحة أو حتى المشادات العادية في أكمنة القوات المسلحة بالطرق العامة. ومن بعض هذه الاتهامات التي وردت في حق مدنيين وقضوا عقوبة الحبس عنها: "ترديد هتافات مناوئة للمشير" وهو ما يندرج تحت البند الفضفاض للمادة 198 لمسودة الدستور الأخيرة والتي تتحدث بشكل مبهم عن "الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة" بصورة عمومية وشاملة.

ولكن الأخطر من هذا التعدي على حقوق المدنيين بصورة عامة، هو توجيه سلاح المحاكمات العسكرية للفقراء والذين يشكلون الغالبية العظمى من ضحايا المحاكمات العسكرية، كذلك استخدامه لحماية المصالح الاقتصادية للطبقة الحاكمة. ولا يمكن أن يجسد مثالاً هذا النمط من الاستقواء بسلاح المحاكمات العسكرية أكثر من مثال جزيرة القرصاية وأهلها الذين تصدروا عناوين الأنباء في العديد من المناسبات آخرها المصادمات التي شهدناها بين أفراد القوات المسلحة حينما حاولوا اقتحام الجزيرة واسترداد قطعة أرض تتملكها القوات المسلحة حسب زعمها من ناحية، والأهالي الذين تصدوا لهذه المحاولة لحماية حقوقهم في تلك الأرض حسب روايتهم من الناحية الأخرى.

وفي الحقيقة، لا يهمني هنا تفاصيل النزاع القانوني حول هذه الأرض ومدى مصداقية رواية كل من الطرفين حول حقوقه القانونية فيها، ولكن تهمني نقطتان:

النقطة الأولى: تخص مبدأ التعامل مع "الأرض" كسلعة، وليس كحق. فجزيرة القرصاية والعديد من الجزر النيلية ظلت مطمعاً للعديد من مخططات الدولة العمرانية طوال العقد الماضي في إطار سياسات الدولة اليمينية (والمستمرة حتى الآن) في التعامل مع مواردنا العمرانية والتي تتمثل في إغفال حق السكان في الأرض التي عاشوا عليها وطوروها في العديد من المناطق العمرانية منذ عشرات السنين، وفي غياب تام للدولة ومسئوليتها عنهم كمواطنين يستحقون القدر الأدنى من العيش في ظروف إنسانية ملائمة ويتمتعون بالأمان في السكنى في مجتمعاتهم هذه التي استثمروا فيها كل ما يملكون.
تنظر الدولة في هذا الإطار للأرض كسلعة يستحقها من يدفع أكثر وتصبح جزء من آليات السوق التي لا يقدر عليها الفقراء، لذا نرى العديد من مخططات الدولة وقد حولت تلك الجزر في مقترحاتها إلى منتجعات ومشروعات سياحية ينتفع بها رجال الأعمال من القادرين، ولا يتضح لنا مصير الآلاف من المواطنين الذين سيتم تهجيرهم في إطار هذه المخططات.

النقطة الثانية: تخص استخدام القضاء العسكري كأداة ضغط على سكان الجزيرة في إطار نزاع قانوني بحت حول إثبات حق الملكية في قطعة أرض، وتحسمه درجات التقاضي الطبيعي التي يكفلها القانون والدستور. نحن هنا أمام حالة نزاع بين أحد مؤسسات الدولة من جهة، ومجموعة من المواطنين من جهة اخرى، تستغل فيها القوة المسلحة ويستغل فيها القضاء العسكري – كما تم استغلاله من قبل ضد العديد من المدنيين – لإرهاب المواطنين والدفاع عن حقوق سواء مشروعة أو غير مشروعة للدولة وسلطتها الحاكمة.

اليوم (2 ديسمبر 2012) يمثُل 25 من أهالي جزيرة القرصاية، أمام محكمة عسكرية بعد أن وجهت لهم النيابة العسكرية اتهامات التعدي على أملاك وأفراد القوات المسلحة. ويضيف المتحدث العسكري في هذا السياق أن القوات المسلحة تستخدم هذه الأرض والجزيرة "كمناطق ارتكاز ضمن مهام عمليات القوات المسلحة في تأمين العاصمة". وهنا أحب أن أذكر أن "منطقة الارتكاز التأمينية" هذه تقع في جزيرة مأهولة بالسكان متنازع عليها، بينما لم يحدثنا المتحدث العسكري عن الجزر الأخرى التي تمتلكها القوات المسلحة على مسافات قريبة ومنها الجزيرة الترفيهية الواقعة أمام مستشفى القوات المسلحة بكورنيش المعادي والتي لم تشهد مثل هذا النزاع أو الأهمية "الأمنية".

بعيداً عن المنظور الضيق للصراع الديني-الليبرالي حول الدستور الجديد، تكمن خطورة مسودة الدستور النهائية في تحالف أدوات التسلط والقهر العسكرية، مع التوجهات شديدة اليمينية للسلطة الحاكمة الحالية والتي تأتي على حساب الطبقات الأضعف من الشعب المصري. فالصراع ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين معركته أوسع بكثير من قضية عسكرة الدولة. معركة المحاكمات العسكرية تتسع لتشمل حقوقنا جميعاً في المساواة والعيش الكريم ضد دولة تحاول بكل ما أوتت من قوة سلبنا تلك الحقوق.

لذلك اقول: لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، ولا لدستور يغبن حقوق المصريين.